بحث هذه المدونة الإلكترونية

الخميس، 17 مايو 2012

عطشى..لقهوة الصباح- خيرى---فيس بوك=اهلا بكم..

المركز الصحفى- مديرية الشباب والرياضة بسوهاج..

محافظة سوهاج
مديرية الشباب والرياضة
المركز الصحفي



أخبار


** فى جلسة برلمانية حضرها اللواء وضاح الحمزاوى محافظ سوهاج..والسادة وكلاء وزارات: الصحة- التربية والتعليم-الزراعة- الشباب والرياضة- التموين- رئيس مجلس مركز ومدينة سوهاج-..وعدد من القيادات التنفيذية والوسطى..؛قدم الشباب والجمهور من ابناء قرية عرابة ابو الدهب طلبات احاطة واسئلة حول عدد من المشاكل التى تشغل بال المواطنين بها..حيث اقيمت فى باحة مركز الشباب الجلسة ؛التى حضرها ايضا قيادات العمل المدنى..ورجالات الاعلام..والمهتمين بالشأن فى 14/5/2012م.حيث طرح الشباب والجمهور مشاكلهم حول عدد من الخدمات..التى يعانون منها..او يطمحوا الى تطويرها.. وكذا تفعيلها الى مستوى اعلى من الخدمات او حلها جذريا... من الجهات التنفيذية ومزيد من الجهد حولها..منها: ا لاحتراز من اضرار ومشاكل سلك النور الذى يتطلب تغطيته بماده عازلة تحسبا لحدوث ماس ..يستتبعه حرائق ؛طالبوا بتغطية سلك الكهرباء بمواد عازلة..وكذا تشغيل وحدة مطافىء بالقرية..وطالبوا بزيادة عدد الفصول لحل مشكلة الفصول ذات الكثافة العالية بمدارسهم..باانواعها..واستيعاب عدد كبير من الطلاب..وكذلك تشغيل ملاعب مركز الشباب بالقرية..ودعم الانشطة الشبابية وتفعيلها..ليفيد منها الشباب ..الخ.وقد استمع المواطن الى اجابات السادة وكلاء الوزارة..وتعقيب المحافظ ..الذى سعى لحل عدد من هذه المشاكل..منها ماذكر ومنها مشاكل تتعلق بالسولار والبنزين..والبوتجاز ورغيف الخبز..وغير ذلك ومرحليا مايمكن حله.. وكذا حال مجىء الميزانية الخاصة بالمحافظة.. لاستكمال ماخطط بالفعل للقرية بنجوعها بناياتها.. من مشروعات وانشطة..وخدمات..


صرح بذلك محمد عبد أللاه احمد..وكيل وزارة الشباب والرياضة بسوهاج





ت:093/4601815 + زوروا موقعنا على الفيس بوك-شباب سوهاج..شباب بيحب مصر..
فاكس:4600762سوهاج E-khairyelsaid2@yahoo.com
Email=k_hiro@hotmail.com

اهلا

تحياتى..

الأربعاء، 9 مايو 2012

خبر

محافظة سوهاج
مديرية الشباب والرياضة
المركز الصحفي


اخبار


بناءعلي طلب الجماهير مركز سوهاج وافق اللواء وضاح الحمزاوي محافظ سوهاج علي تحديد جلسه برلمانيه لاعضاء الشعبه البرلمانيه بالمحافظةوذلك بمركز شباب عرابة ابو الدهب الثانية ظهرا 14/5/2012م؛يرافقه فيها وكيل وزارة الشباب والرياضة ودعي اليها السادة وكلاء الوزارة:الصحه-التربية والتعليم-الزراعه-الكهرباء-رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحي واخرين لمناقشة وتقديم طلبات احاطة لموضوعات تتعلق بمشاكلهم في :الزراعه-الصرف الصحي-التموين –الكهرباء.....الخ


تقوم لجنة الادارة العامه للشباب بزياره مكتبات مراكز الشباب لتقييم المكتبات علي مستوي المحافظة واختيار افضل ثلاث مكتبات علي مستوي سوهاج (اثنين للقري+واحد للمدن)....تضم اللجنه السادة :محمد عبد الرحمن مدير عام الشباب –ممدوح طلب مدير ادارة الهيئات – هاني كلام مدير ادارة الشباب....وغيرهم. يذكران المكتبات الفائزة تمنح جوائز مالية قيمة للعاملين المتميزين فيها لادارة مركزالشباب.



يزور وكيل وزارة الشاب والرياضه الاربعاء 9/5/2012م ادارة شباب جرجا ,زيارة تفقدية وكذا للهيئات الشبابيهالتابعة لها ,كما يعقد لقاء موسعا مع العاملين بالادارة والهيئات الشبابيه بها لحل المشاكل المتعلقة بالعمل ....,يختتم الزيارة بتفقد الانشطة والمشروعات التي يتم انجازها في ادارة جرجا وهيئاتها الشبابيه ....



صرح بذلك محمد عبد اللاه احمد وكيل وزاره الشباب والرياضة بسوهاج












ت:093/4601815 + زوروا موقعنا على الفيس بوك-شباب سوهاج..شباب بيحب مصر..+المركز الصحفى
فاكس:4600762سوهاج E-khairyelsaid2@yahoo.com

الجمعة، 20 أبريل 2012

قرأت..فهمى هويدى..

فهمي هويدي يكتب: عن حلمنا الذى لم يمت
Mon, 04/16/2012 - 13:00
تدخل القاهرة لنزع فتيل التوتر واحتمالات المواجهة المسلحة بين الخرطوم وجوبا. لم تتوقف وسائل الإعلام عندنا، المشغولة بالتطورات الساخنة والمتسارعة الحاصلة فى الساحة المصرية. انعكس ذلك على تناول صحف الصباح، أمس، للموضوع الذى اختزل فى خبر على عمود أفاد بأن المشير محمد حسين طنطاوى رئيس المجلس العسكرى اتصل هاتفيا بالرئيس عمر البشير ونظيره الجنوبى سلفاكير لبحث المشكلة بين البلدين الشقيقين، كما أنه قرر إيفاد وزير الخارجية السيد محمد كامل عمرو لزيارة الخرطوم وجوبا وتقريب وجهات النظر بينهما.
ليس جديدا التوتر بين «الأخوة الأعداء» فى الشمال والجنوب، لكن التحرك المصرى هو الجديد نسبيا، لأن مصر طوال سنوات الانكفاء التى عاشتها فى ظل النظام السابق، كانت تقف متفرجة على مثل هذه الأزمات، وأحيانا كانت تنحاز إلى الطرف الغلط، استنادا إلى حسابات صغيرة مرتبطة بالأهواء العارضة وليس المصالح العليا للوطن، إذ ليس سرا أن الرئيس السابق لم يشغل نفسه بالملف الافريقى، وانه كان يعتبر أن عالمه لا يتجاوز حدود أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. حتى ازعم أنه كان «يحج» مرة كل عام إلى واشنطن لكنه كان دائم الحرص على اداء «العمرة» على مدار العام فى عواصم أوروبا، خصوصا باريس وروما وبون. ورغم أن صدره كان يضيق بزيارة الوزراء الافارقة، فإنه كان يتلهف على لقاء المسئولين الأوروبيين. حتى انه طلب ذات مرة أن يزور لندن، وابلغ رسميا بأن جدول أعمال رئيسة الوزراء مارجريت ثاتشر مزدحم وانها لن تستطيع أن تلتقيه فى الموعد الذى اقترحته الرئاسة المصرية، لكنه ألح على الزيارة رغم الاعتذار البريطانى، وحينئذ رد مكتب ثاتشر قائلا إن مشاغلها لاتزال كثيرة للغاية، ولن تستطيع أن تلتقيه فى الموعد الجديد  إلا لمدة 15 دقيقة فقط من الحادية عشرة الا ربعا إلى الحادية عشرة، ورغم أن الرد كان محرجا ومهينا إلا أنه قبل على نفسه ذلك، وذهب إلى لندن لتلتقط له الصور مع السيدة ثاتشر خلال دقائق الزيارة. وخرجت مانشيتات الصحف المصرية فى اليوم التالى وهى تبشرنا بنجاح الزيارة التى تناولت تعميق العلاقة بين البلدين. وكتب احد رؤساء تحرير الصحف القومية مشفقا على الرئيس الذى لا يكل ولا يمل من تحرى مصالح مصر فى الداخل والخارج، وعن حفاوة الزعماء الغربيين به وحرصها على الإفادة من بصيرته النافذة وآرائه السديدة!
لقد انفصل جنوب السودان الذى أيده نظام مبارك حينا من الدهر كيدا فى نظام الخرطوم المشتبه فى توجهه الإسلامى. ولست أشك فى انه كان يعرف من السيد عمر سليمان رئيس المخابرات على الاقل، أن انفصال الجنوب جزء من مؤامرة غربية تلعب فيها اسرائيل دورا اساسيا، وأن مصر من ابرز المتضررين جراء ذلك الانفصال، وبعد ذلك الفشل (هل اقول التواطؤ) المخابراتى خسرت مصر علاقتها مع دول حوض النيل، وخسرت أيضا مكانتها فى محيطها الأفريقى.
ثمة قرائن مستجدة دالة على أن مصر افاقت من غيبوبتها بعد الثورة، وخبر التحرك المصرى الذى اشرت اليه احد تلك القرائن، تزامن ذلك مع جهد يتحرك بطيئا لتبادل المصالح بين القاهرة والخرطوم، تمثل فى الاتفاق على استيراد اللحوم والماشية من السودان وترتيبات زراعة مليون فدان هناك وهو الموضوع الذى كان محل بحث اثناء الزيارة الأخيرة التى قام بها وزير الزراعة المصرى للخرطوم واسفرت عن توقيع مذكرة تفاهم بهذا الخصوص.
هذه مبادرات تستحق الحفاوة والتشجيع لا ريب، وفى حدها الادنى فإنها تعبر عن تحرك يظل أفضل كثيرا من الموات والوهن الذى أصاب علاقات البلدين فى عهد مبارك، إلا أننى اتمنى أن يتم ذلك التحرك فى اطار رؤية استراتيجية واضحة تدرك جيدا أهمية احياء فكرة «المثلث الذهبى» المتمثل فى مصر والسودان وليبيا. وهى الفكرة التى لا امل من التذكير بها، باعتبارها مدخلا لنهضة حقيقية تحدث انقلابا اقتصاديا واجتماعيا تنعم به شعوب الدول الثلاث التى تتكامل فيها كثافة مصر السكانية وخبراتها البشرية، مع تربة السودان الغنية ومساحتها والشاسعة، ونفط ليبيا الذى يستطيع أن يمول تلك النهضة ويدفعها إلى الامام، ولست اشك فى أن مناخ الثورتين فى مصر وليبيا اضافة إلى حماس الطبقة السياسية فى السودان سيكون من الحوافز المهمة المساعدة على امكانية تحقيق التكامل المتشدد.
ثمة جهود تبذل الآن لاستثمار الربيع العربى لإحياء الاتحاد المغاربى المجمد. وهو ما يسعى اليه وزيرا خارجية كل من المغرب وتونس، والاثنان على اتصال مع المسئولين الجزائريين فى هذا الصدد. والخطوة التى يراد انجازها الآن تتمثل فى فتح الحدود المغلقة بين المغرب والجزائر (ثمة إعداد الآن لمبادرة شعبية عربية بهذا الخصوص) والتى بسببها يخسر البلدان نحو عشرة مليارات دولار سنويا. لا أريد أن أذهب بعيدا فى الحلم، وأتصور تكاملا بين المثلث الذهبى الذى اشرت اليه وبين الاتحاد المغاربى فى حال إحيائه ومدى تأثير ذلك على استعادة الحلم العربى فى الوحدة. وهو الحلم الذى تآمر كثيرون على إجهاضه لكنهم فشلوا فى قتله.
·     رأي

ماتيسر من رواية=يد الوزير-محمد صوف


يد الوزير

                             رواية





محمـد صوف




                                     




                  






I

أنت تعرفين أني قاسية على نفسي منغلقة داخل عالم من القيم الرافضة لمتع الحياة.. لمتني مرارا على سلوكي و طلبت مني أن أنفتح أكثر.
كنت دائما تعاتبيني على صمتي.. لا أتكلم إلا لكي أرد على سؤال أو لكي أقول القليل.
كنت تقولين إني حافلة بالمبادرات و لا مبادرة مني تطفو مني على السطح.
و تضحكين  أتذكرين وصفك لي بجملة مضادة ؟
ما لا تدركينه يا عزيزتي هو أني لا أقرر في شأني.. و لا أختار حتى.. كثيرة هي تصرفاتي العفوية,,
ليس هذا موضوع رسالتي و لكني أمامك أفجر صمتي على الورق.. لست أدري لماذا.. هل أنت مرآتي ؟
لا تجيبي على هذا السؤال,, أعفيك من الرد عليه.. فالرد عليه معاناة أرفضها لك ؟
موضوع رسالتي يا عزيزتي هو أنا. أعرف أنك ستبتسمين و أعرف أن أفكارا ما  الآن ستعبر ذهنك..
و مع ذلك سأستمر في الكتابة.. لو كنت أمامي الآن لتوقفت فورا عن القول.
أنا أخاف مني لأني لا أفهم هواجسي و لا أفهم  عواطفي حتى.. أخاف من رتابة أيامي, و مع ذلك أتمسك بها.. حتى وقوفي أمام اللوحة أصبح يرعبني و كلما شرعت أرسم أجد جرأتي تتخلى عني في النظر إلى عيني شخصيتي. . و كأن روحا تنفتح فيها . أشعر بحفيف الأنفاس يخرج من الألوان..  أجدني خائفة و مفتونة في ذات الوقت.
أضع الفرشاة و أفر إليه ..
ستبتسمين مرة ثانية. .  لك ذلك حتى ترضي. أما هو فلا أرى ابتسامته و لكني أشعر بها. .  هل سبق لك أن شعرت بابتسامة دون أن تريها ؟
يا إلهي !
إياك أن تتصوري أني أحبه . . أنا أومن به و أطمئن إليه لأنه يعيد الطمأنينة إلى نفسي بمجرد ابتسامة أشعر بها و لا أراها..
أما الحب.. هذه العاطفة المدمرة فلندع الحديث عنها إلى رسالة لاحقة.
قلت أهرب إليه. . أرتشف ابتسامته و أعود إلى بيتي حيث أنتظر شيئا ما أحسه و أجهله..
 ما أن أعود إلي بيتي حتى أفقد علاقتي بالأشياء و أدخل في بحث مضن عم أريد..
عبثا ..
أقف أمام المرآة و أراني أعيش على هامش الحقيقة.. الآن ستقولين بصوت مسموع..
- قولي شيئا أيتها الغبية ..
صحيح أن ما كتبته حتى الآن مجرد كلام أجوف. تمعنين النظر داخله و لا ترين غير الفراغ لكنه الجسر الذي علي أن أعبره لكي أصل إلى ما أريد قوله..
أنا جبانة ..
و جبانة لأن في حياتي سلمان. أنت تعلمين أنه دخلها على متن عقد وثقه شاهدا عدل وصمت كان علامة للرضى. كنت كجل النساء أؤمن أن قدر المرأة رجل و بيت و أطفال..
أليس  جبنا أن تخرجي من ذاتك و تحتمين خلف جدار الامتثال ؟ ..
و أنا جبانة مرة ثانية لأني تعلقت أو أعتقد أني تعلقت بهذا الرجل الهادئ الذي ما أن يغرس نظرته الصامتة في نظراتي حتى أفقد توازني..
يزيد ..
هذا اسمه .صحيح أنه اسم خرج من التاريخ
و لكن صاحبه كائن و موجود.. مرة ضحك و قال  أنا يزيد الناقص. أنيق في وقفته .هل رأيت سنونو  يحلق؟ أنا أعتقد أنه يمتلك كل الصفات التي يجب أن تتوفر في الرجل. كلما طلبت منه أن يحدثني عن نفسه رفض..
دائما وحيد. ككل  ذي قيمة ..
كيف عرفت يزيد ؟
هذا السؤال يدور في خلدك الآن ؟
سأشحن غرورك بالرضى. سأرد عليه قبل أن تطرحيه في رسالتك القادمة.
لن أقول إنني أضعت محفظتي و وجدها هو   وأعادها إلي, فكانت العلاقة. يكفي أن تري ذلك في الأشرطة. كان كلما أمر من أمامه أشعر بنظراته تتسلقني و مرة التقت نظراتنا فشعرت بالشحوب يداهمه و ابتسمت. لا أعتقد أنه رأى ابتسامتي, و من ذلك اليوم لم أعد ملك نفسي.. و تماديت في اقتحام نظراته و تمادى هو في الشحوب. كانت لعبة لذيذة. ثم جاء السلام و الكلام ..
الكلام أراني شخصا غير الذي تصورته ..
ما يثيرني فيه هو أنه لا يرغب في شيء و لذلك فهو لا يمارس الدهاء للحصول على ما يريد.. ليست لديه رغبات يسعى إلى إرضائها.
ثمة تبرير لقدرته على التجرد من أي شيء ..
أتعرفين شارع الحسن الثاني ؟ حاولي أن تعيديه إلى ذهنك. أعيدي إلى ذهنك تلك العمارة الزجاجية الشاهقة. قربها مقهى. اسمه مقهى السقيفة . على رصيفه يجلس يزيد.. ينتظر مروري و أنتظر شحوبه.. نتصافح.. وينصرف..
ينصرف هو لأجد نفسي فريسة لرغبة مبهمة.. اضحكي.. أنا أعرف أنك ستضحكين على الرغبة المبهمة.. ما علينا.
 أتابع.. أحاول أن أخنقها  ـ أقصد الرغبة - فتزداد اشتعالا.
أنا يا عزيزتي أعيش في جحيم..
الغريب أني لا أشعر بالذنب و أعتقد أني على أهبة لأن أتمادى في الحلم به و معه. و أنا طفلة كنت أروي لنفسي قصصا من صنع خيالي و كنت أحلم أني بطلة ما أبدعت.. و عندما كبرت و أصبحت زوجة سلمان وجدتني أكرر إبداعي القديم بطريقة ما.. أمر من أمام المقهى لا لشيء إلا لألعب دور البطلة..
لم يعد الحلم يكفيني ..
أصبحت ساهمة و لاحظ سلمان  ذلك.. و لست بحاجة لأن أتكلم معه لأحس بضيقه و تساؤلاته التي لم تعلن عن نفسها بعد. أصبحت أتلذذ بالتفكير في يزيد.. أفتح لخيالي آفاقا معه.. لكنه خلق لينظر و ليمارس رياضة المشي وليصمت و ليشحب عندما يراني..
فيه من الخجل و الأدب ما يكفي ليجعلا منه شخصا باردا.. لا حرارة فيه.. و أنا أحترق.. و فيه من الحزن ما يكفي ليغرقني بنظراته الجريحة.. لعلي أهذي. لعل ما أراه مجرد وهم يرافقني في حركاتي و سكناتي..
حكايتي لا تنتهي هنا ..
أتذكرين عامر ؟ بالطبع لا .. و ستذكرينه إذا عادت إلى ذهنك هذه الحكاية ..
الطريق مغلقة.. لا أحد يمر.. رجال الأمن يملئون جنباتها و يمنعون الراجلين من العبور إلى الجانب الآخر.. آخرون في مدخل الطريق يحولون اتجاه السيارات   والدراجات إلى طرقات أخرى.. زرابي مبثوثة عند مدخل البناية. شخصيات ترتدي ميزانيات أسر و... تلقي على معاصمها نظرات قلقة. كلهم ينتظرونه.. لكنه لم يأت..  رجال الصحافة بالآلات و أجهزة التسجيل و الأقلام ينتظرون ..
مرت ساعة.. ساعتان. و هم ينتظرون.. كل الحاضرين كانوا على صفيح ساخن.. ثم بدت شاحنة تقتحم الطريق.. أحدث ظهورها رجة.. ماذا وقع ؟ المسؤولون عن الأمن يتحدثون جميعا في أجهزتهم.. لم يفهموا.   والشاحنة تقبل نحو الزرابي المبثوثة. انفتح بابها و نزل عامر. كان يضحك. انحنى على أول المستقبلين و همس :
-لقد نسيت التظاهرة.. و كان علي أن أحتجز هذه الشاحنة لأصل ..
الآن تذكرينه.. أنا متأكدة من ذلك. و الآن يحضرك من نوادره الكثير.. نعم.. هو..
هاك هذه الحكاية ..
قلت ذلك الصباح الخريفي سأفطر في المقهى لأرى يزيد ثم قلت سأصعد إلى البرج الزجاجي لأقابل مدير مؤسسة للإشهار و أقدم له عرضا قد يهمه ..
و هذا ما حدث ..
في المقهى قابلت  يزيد.. في دقائق أعطاني من الحنان الصامت زاد يوم  كامل.. لا تبتسمي فأنا لا أبالغ..
نسيت.. لست أدري لماذا أنسى سلمان كلما حضر يزيد.. أيهما الماء و أيهما التيمم ؟
سلمان كان سيلحق بي لنذهب معا عند مدير المؤسسة الدعائية التي ستحتضن معرضا كنت أعتزم تنظيمه.
في حضرة يزيد نسيت سلمان و نسيت الموعد. إنها علامات لا تخطئ .. تصوري أن الجلسة كانت جميلة لدرجة أني رغبت في البكاء..
هل تصدقينني إذا قلت إن :
ميعادي مع مدير المؤسسة كان سببا ملفقا لأراه.. و عندما رأيته لفني في صمته البليغ و احتضنني بنظراته الثرية بالعطاء و لم يقل أكثر من كلمتين.
و عندما جاء سلمان كنت واقفة أنتظر المصعد. أنت تعرفين أن البرج الزجاجي مليء بالشركات  والمؤسسات  و فيه شقة واحدة تشغل طابقا بأكمله يقولون إنها لأحد أعيان البلد يمارس فيها شهريارياته.
هذا الأحد الأعيان رأيته بومذاك.. لم أنتبه إلى الناس الذين كانوا ينتظرون المصعد عندما شرعوا ينفضون من  حولي..لا . لم يتأهب أحد  للصعود  و هذا معناه أن المنتظرين  كانوا يعلمون أنه إذا حضر هو بطل المصعد على الجميع . لم أدرك إذ ذاك أن الرجل يحتكر المصعد وحده و يرفض أن يقاسمه أحد من الغوغاء الصعود.. اندفعت و اندفع معي سلمان تحت نظرات استغراب الجميع.. دخل الرجل و ظل يتأملني بنظرات لا تقول شيئا.. ثم حرك رأسه و قال..
- لا بأس ..
فكرت لحظتها في الرأي السائد عن الرجل . فكرت في أنه ليس متسلطا أو متجبرا كما تصورته. يكفي أن أنظر إليه بعين الرضى لأرى مناقبه . لمت نفسي و كمن أرادت أن تكفر  عن ذنب ابتسمت . ماذا كنت ستفعلين لو كنت مكاني؟  مسؤول حكومي تقتحمين عاداته  و برفض أن يرد الصاع  ألا يستحق ابتسامة  امتنان . أليست الابتسامة أضعف الإيمان ؟
ثم حرك رأسه, و أضاف
- لا شك أنكما تأتيان هذا البرج لأول مرة ..
حرك سلمان رأسه بالإيجاب, لكن الرجل كان ينتظر الجواب مني أنا ..
ثم تحرك الرجل نحوي .. نعم نحوي ..
ماذا تراك تتصورينه فاعلا ؟
ابتسم ؟
نسيت أن أقول لك أنه كان يدخن سيجارة أمريكية شقراء   وعندما كان يتحدث لم يكلف نفسه عناء إزالتها من بين شفتيه ..
إلا أنه عندما تقدم نحوي.. عب نفسا عميقا و ترك دخانها يتسرب إلى أنفي قائلا ..
- لا بأس ..
ثم مد يده إلى وجنتي اليسرى. داعبها بإمعان
- الذنب ليس ذنبك ..
و توقف المصعد في طابق غير الذي نقصد.. فقال معاليه ..
- و الآن اخرجي ..
تأهبت للخروج فامتدت يده اليمنى إلى وركي الأيسر و ربتت عليه بإمعان .
لم أدر كيف وجدتني خارج المصعد.. و لم أكن أعلم هل الواقف أمامي كان سلمان أم شخصا آخر أراه لأول مرة.. كان ذهني فارغا إلا منه.. هو .. يزيد..
ما علينا ..
أتذكرين معاليه و هو يتحدث في التلفزيون متنكرا في زي عاشق للفضيلة ؟ كل  ذلك تلاشى في لحظة داخل مصعد في حضرة امرأة مجهولة و رجل خفي.. تصوري أن أنفاسه الحكومية و هي تمتزج بدخان السيجارة الشقراء  وتقتحم أنفي بكل ما في السلطة من سلطة لم تثر في أدنى تقزز..
الحديث عنه كان يثير في غثيانا سهل التحديد. و مواجهته محت كل ذلك.. و أنا أهرع خارج المصعد ساد لدي اعتقاد أني التقيت اليوم بضدي.. و للضد يا عزيزتي فضيلة, فهو يمنحك فرصة اكتشاف زاوية معتمة فيك.
لقد فاجأني من حيث لا  أحتسب و مد يده بثقة الدكتاتور في نفسه إلى مؤخرتي..
فهل حقدت عليه ؟ ..
لا.. و ألف لا ..
قال لي يزيد مرة في إحدى جلساتنا القصيرة
- أحيانا يساعدك الخصم أكثر من الصديق..
لعل هذا ما فعله السيد العزيز
أفتح قوسا لأطرح على نفسي سؤالا .. لماذا أقص عليك كل هذا ؟ و يأتيني صوتك من سنوات خلت, لأني أحب الاستماع.. أنت الآن تجالسين امرأة بدون  قيود.. تجلس إلى دفتر مذكراتها و تكتب تكتب تكتب .. أنت دفتر مذكراتي ..
عنك أرفض أن أخفي الجحيم الذي يتفاعل داخلي .
اعذريني إن كنت أتأرجح في القص و أرتبك في الإفضاء فقد كنت دائما منتظمة مضبوطة إلا في عواطفي و أحاسيسي.
كم أود أن أعلم هل ما ارتكبه السيد الوزير يثير لديه إحساسا بالذنب.. هل وقع بفعلته تلك صك عقابه, أم أن سلطته تقيه حتى من نفسه ؟.. آه لو أستطيع أن أعرف منه ذلك !
كانت نظرته باردة و عيناه فارغتين من أي تعبير. كان صوته الهامس رتيبا خاليا من الغضب و خاليا من التعاطف و على وجهه ارتسمت ابتسامة رضى لا يخطئها الحس..
أما سلمان ..
هذا الرجل المسالم الذي لا يكره أحدا و لا يكرهه أحد لأن ذكاءه الطفل أعفاه من الدخول في متاهات تثير الحقد  منه أو عليه. فقد انطفأت نظرته.. و كأني به ابتلع غصته. لم يكن يتوقع يوما أنه سيواجه امتحانا كهذا. شعرت به يصب على نفسه حقدا لم يستطع أن يصبه على الرجل الذي زرع في خياشيم زوجته أنفاسه ممزوجة بالمارلبورو. ثم تمادت يمناه لتلمس في استفزاز مقصود شيئا يعتقد أنه ملكه بموجب ورقة وقعها قاض و شاهدا عدل.
لم أسمع منه كلمة.. و لم تعد عيناه تجرؤان على النظر إلي.. لن أقص عليك شيئا مما يدور في البيت فحدس الأنثى فيك كفيل بأن يكشف لك عن المستور..



















II

الثلاثاء
          هل ثمة ألذ من النفوذ ؟ هل هناك شيء أكثر نشوة من أن ترى الآخرين يتلعثمون أمامك .. يرتعشون.. يفقدون توازنهم و ترتبك حبالهم الصوتية ؟؟
هذا ما أعيشه كل يوم و أقل إحساس بفقدانه يثير في رعبا يعادل رعب فقدان الفحولة .. المرأة التي امتدت إليها يدي هذا الصباح أمام بعلها ابتسمت لي.. أن يبتسم لك شخص ليس من طينتك لا يثير فيك أي نشوة. لعلها ابتسمت خوفا.. و عندما امتدت إليها يدي  كأني بأحاسيسها أصيبت بالشلل.
و مع ذلك ..
لم أستطع أن أنام ليلة البارحة. لم أكن منشغلا بشيء محدد.. دون ألم كانت صورة المرأة تعود إلى مخيلتي باسمة.. دون ألم كان ظل رجل يراودني. و يذهب النوم..
 و هذا الصباح عندما استيقظت أحسست برغبة جارفة للوقوف أمام المرآة.. تأملتني جيدا حاولت أن أعد شعيرات رأسي السوداء و بالكاد عثرت على ما يوازي أصابع اليد الواحدة.. عيني اليمنى الزجاجية كانت تعكس صورة امرأة المصعد و ظل رجل.. حاولت أن أبتسم فرأيت الفم امتلأ أنيابا..
 ما هذا ؟
أنا الذي لا  يرعبه أحد أصبحت أرعبُني ..
وجهي الذي لم أغسله بعد آنذاك كان ركاما من المساحيق. كنت كمهرج في سيرك.. مع فرق واضح هو أن المهرج يضحك الناس و أنا أرعب نفسي.
هل كل هذا بسبب امرأة ابتسمت ثم اختفت ابتسامتها ثم غادرت المصعد هي و زوجها  وكأنهما ضربا على أم رأسيهما. خطوت نحو الحمام لعل الماء الدافئ يزيح عني هذا الإحساس الغريب.. تحت الماء كنت أفكر.. لا .. لم أكن أفكر.. كنت أغرق.
كيف أتخلص من هذه اليد التي تعتصرني من الداخل.. أعلم بالتجربة أن أهم مكسب لرجل في ضيق هو التمسك بأعصابه هادئة.. على الأعصاب الهادئة يمكن للمرء أن يعتمد دون خوف.
قلت لأحاول التمسك بأعصابي باردة .. فبدأت زخات الماء الآتية من الرشاش ترشقني كالإبر..
مزيدا من الهدوء أيها الوزير !
و هربت ..
نعم .. هربت من الحمام. هربت من المرآة.. حتى العطر الذي كنت أعتقده يضيف إلى جاذبيتي منحني بسخاء رائحة لا تطاق.
كل ذلك بسبب ابتسامة ظهرت ثم اختفت ..
و أنا الذي لا أعرف الوحدة رأيتني أسعى إليها.. أنا الذي يتعب الآخرون من أجل راحتي وجدتني مرهقا أولا.. و أرفض هذا الإرهاق ثانيا.. السلطة ترفض الإرهاق  لذلك توفر لرجلها كل وسائل الراحة و الحرية.. الحرية ! لا توفرها لك سوى السلطة.. كلما كنت ذا نفوذ استطعت أن تفعل ما تشاء متى  و أينما و أنى تشاء ..
قلت للسائق ..
 - اذهب بي إلى أي مكان إلا  إلى المكتب
احتار السائق.. فقلت :
-اذهب بي إلى مكان لا أعرفه أنا و تعرفه أنت ..
كبرت حيرته.. لم يجب .. امتطى السيارة ثم وجدها ..
 - هل تريد سيدي أن ترى الحي المحمدي معقل الكفاح الذي تتحدث عنه كثيرا في خطبك ؟
قلت له :
- كيف تراني ؟
قال :
- كعادتك يا سيدي. في كامل عافيتك .
 - كيف  ترى أسناني ؟
- جميلة يا سيدي .. أليست من صنع أمهر أطباء  الأسنان في باريس
قلت له :
-  إنها أنياب ..
صمت .. قلت :
-  أنت لم تجب
رد :
- أنت لم تسألني يا سيدي
-  قلت إنها أنياب
-  فيها الأنياب يا سيدي
-  بل كلها أنياب ..
-  كلها أنياب يا سيدي ..
-         هذيان.. أليس كذلك ؟  خذني إلى النهر
-  لا يوجد نهر في الدار البيضاء
- خذني إلى أي نهر في أي مكان ..
-  أم الربيع يا سيدي .. لكنه في آزمور لا في الدار البيضاء ثم إنه شبه جاف ..
-  هذيان .. أليس كذلك ؟
و هذيان ما سمعت و السائق ينتظر أن أعطيه أمرا آخر مخالفا. كان الصوت مدويا هادرا. لم يأت من الخارج.. من بين الصلب و الترائب  جاء ؟ لست أدري..
-  يا فقير النفس !
قال الصوت .. قلت للسائق ..
- أ سمعت ؟
قال السائق ..
-  لا يا سيدي . لم أسمع شيئا
قلت :
- ألم تسمع هذا المعتوه الذي يقول عني فقير النفس؟   أليس معتوها و ابن معتوه !
رد السائق :
- بلى يا سيدي إنه معتوه و ابن معتوه ..
هذا السائق لم يسمع شيئا. لم يكن يهزأ بي.  كان فقط يمارس خوفه المعتاد مني.
ثم أشرت له بالذهاب إلى مكان يعرفه جيدا, شعرت بصعدائه و هو يتنفسها كلمات تخزني كماء هذا الصباح..
من عادة نادل مقصف الفندق/البالاس أن يسارع إلى تغيير غطاء المائدة التي أختارها .. غطاء مائدتي أحمر أولا.. و لا يستعمله غيري ثانيا. و هو من الحرير ثالثا..   ومن عادة النادل أن يذهب بنفسه إلى مكان ما و أن يعد لي هو لا غيره جرعاتي وفق طقوس هو يعرفها و يدعني..   وينصرف.. ينصرف معناه أن يحول دون جلوس أي زبون في المنطقة التي أوجد بها.
فهل سأستريح هذه المرة ؟.
لست ادري لماذا اخترت مقعدا أمام لوحة الجوكندا ظلت تحدق في و ترسم على سحنتها شيئا كالابتسامة. لا ينقصها إلا الظل لتصبح امرأة المصعد..
 و مع أني لم أتبين جيدا امرأة المصعد.. إذا صادفتها في أي مكان لن أتعرف عليها. رأيتها نسخة من هذه الابتسامة الغامضة التي تحدث عنها الكثيرون و كثرت التحليلات و التعاليق و ظلت هي ثابتة..
رأيت الظل يخرج من خلف اللوحة و يتقدم نحوي. يقف
يأتيني صوت كالصوت و لكنه ليس صوتا ..
-أعرفتني يا فلان ؟
حاولت أن أتبين ملامحه دون جدوى.. لم أخف.لكني أحسست بي أتأبط لزوجة ما.. أحسست بالدم يتصاعد إلى وجنتي.. سألت بصوت أجش .. قلت و لم أسمع صوتي ..
-من أنت ؟ و ماذا تريد ؟
 و بصوت كالصوت و لكنه ليس صوتا يرد :
- ألا تعرف من أنا ؟ ما علينا.. اعلم أيها العبد  أنك حتى الآن ظللت تفعل ما تشتهي و تدع الآخرين يقولون ما يشتهون.. أنت لست سوى بيدق مغصوب الإرادة.. تحسب نفسك ذئبا و أنت أقل ضعفا من حمل.. إذا كنت قويا فحاول أن تهرب مني.. سأظل أطاردك في غدوك و رواحك.. سأذكرك بأنك غث .. لا.. الغث له قيمة .. أما أنت
صحت .." اذهب إلى حال سبيلك "
لاهثا وقف النادل أمامي.. لم ير أحدا.. و انصرف
أفرغت ما تبقى من الكأس في جوفي. حدقت في الجوكندا فإذا  بها هي   هي .. لا تتبدل و لا تتغير..
حاولت النهوض فوجدت أمامي سكرتيري الخاص, كأنه خرج من خلف اللوحة .
- عفوا سيدي .. برنامجك حافل هذا اليوم   ومجموعة من الأعيان جاءت وفق الميعاد المضروب لها..
و تدخل الصوت الذي هو كالصوت و لكنه ليس صوتا.
- اذهب إلى عملك .. بعد عملك عد إلى المقصف  و اشرب إلى أن تفقد وعيك. لعلها الطريقة الوحيدة للإفلات مني.. مع أنك ستجدني نقطة في جدول أعمالك و في آخر نقطة في آخر كاس تذهب بوعيك.. أنا أيها الوزير المحترم عقوبتك التي لم يجرؤ على إنزالها بك قاض.. اذهب  وصاحب الأجانب و الغرباء فلا خطر يتهددك منهم..
- كفى !
اندهش السكرتير و أضاف وجلا
-أتريد أن ألغي كل ارتباطاتك ؟
قلت له :
- لم أكن أخاطبك أنت هيا بنا ..
 آه لو تكلمت نظرته .!.
فكرت أن أحسن حل هو أن أذهب إلى برنامجي و أن أنفذه فرضا و نوافل حتى أتخلص من هذا الدخيل الذي نجح في ما لم ينجح فيه آخرون ..
قلت للسائق .. انطلق بأقصى ما تملك من سرعة .. لا تقف عند الإشارات الحمراء و لا عند علامات قف..
هل تضحك الظلال ؟
هل تقهقه الأصوات الغائبة ؟
          "حذار أيها السيد العبد المطاع المطيع من أن تجلس وحيدا .لأنك شئت أم أبيت ستدعوني إليك.. أنجز عملك بكل ما أوتيت من كفاءة .. ادع إلى اجتماعات لا طائل من ورائها.. ناقش جداول أعمال لا تتجاوز الحبر على الورق.. وقع أوراقا لا تبرح مكتبك . اشتغل . اشتغل. لا تكف عن العمل, لأنك إذا كففت عن العمل, اشتغل دماغك و إذا اشتغل دماغك ستجدني فيه.."
يضحك ..
هل تضحك الظلال ؟
الجوكندا  بابتسامتها الشامتة تحدق في.. تتغلغل في عيني الزجاجية.. تتحرك بنفس سرعة السيارة. تخترق الأضواء . تتجاهل علامات المرور.
ثم قال الصوت عندما اقتربت من إدارتي :
"و الآن أيها العبد.. دع جحيمك يختفي داخلك و أعلن على الآخرين أنك تعيش في النعيم.. كررها لمن سيتفاوض معك و كررها لكاميرات الإعلام و كررها  لأقلام الصحافة.."
قلت:
-  سأدخل الحمام لبعض الوقت.. قل لهم أن يستعدوا للقائي.. ها قد جئت.. ذكرني بموضوع اللقاء آه .. نعم. تذكرت إنهم الأعيان..
و دخلت الحمام.. أمام المرآة أردت أن أرى فرأيت الأنياب. رأيت العين الزجاجية تعكسني. لم أرتعب مني قط مثل هذه اللحظة. ها هي صورتي تخيفني.. و جاء الصوت اللاصوت.. ماذا أفعل حتى لا أسمع ؟! إنه يأتي من خلف طبلة الأذن.. كالطنين. هل يستطيع أحد أن يصم أذنيه عن طنينهما؟
جحيمك داخلك و أعلن على الملأ أنك تعيش في الجنة..
تركت جحيمي داخلي و ركضت إلى قاعة الاجتماعات أعلن لهم أني أعيش و انهم يعيشون  في نعيم ..
قلت لهم:
-  ماذا يتمنى المرء في هذه الدنيا أكثر من أن يجد الجميع ينحنون عندما يمر.. ينصتون عندما يقول.. لا يعرف الحواجز و لا الموانع .. مباح له ما لا يباح للغير.. مستحب له ما هو مكروه للغير.. حلال عليه ما هو حرام على الغير.
ماذا يتمنى أكثر ؟"
توقفت عن القول و صفقوا.. لا يملكون إلا أن يصفقوا ..
لم أعد أدري لم دعوتهم ..
صمتت قليلا أبحث في ذهني عن موضوع اللقاء غلفوا لحظة صمتي بتصفيقات إضافية.. ثم تصفيقات إضافية أخرى ..
و قلت لهم انصرفوا و لا تنسوا أنكم الأعلون ..